بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
الثورة الجزائرية
حرب الجزائر
التاريخ من 1 نوفمبر 1954 إلى 19 مارس 2022/1962
الموقع الجزائر
النتيجة استقلال الجزائر
المتحاربون
الحركة الوطنية الجزائرية
جبهة التحرير الوطني القادة والزعماء
أحمد بن بلة
كريم بلقاسم
العربي بن مهيدي
رابح بيطاط
محمد بوضياف
فرحات عباس
حسين آيت أحمد
مصالي الحاج
الثورة الجزائرية
الثورة الجزائرية أو ثورة المليون شهيد، اندلعت في 1 نوفمبر 1954 ضد المستعمر الفرنسي ودامت 7 سنوات ونصف. استشهد فيها أكثر من مليون ونصف مليون جزائري. وقامت الثورة بقيادة جبهة التحرير الوطني الجزائرية ونجحت الثورة في تحقيق أهم أهدافها بحصول الجزائر على إستقلاله في 5 يوليو 1962.
في البداية اقتصر الكفاح المسلح على تنفيذ عمليات وهجمات ضد ممثلي النظام الاستعماري ورموزه، وبدءاً من سنة 1956 أصبح هذا الكفاح حرباً تحريرية حقيقية تبناها كل الشعب على المستوى الريفي أو الحضري، ومن جهة أخرى تواصلت العمليات العسكرية، بقيادة جيش التحرير انطلاقاً من الحدود المغربية والتونسية. وإلى جانب الحرب التي دامت أكثر من سبع سنوات أمكن تدويل القضية الجزائرية عبر النشاط الدبلوماسي المكثف، وإدراج القضية ضمن جدول أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة.
كانت هذه الحرب ثورة بكل معنى الكلمة، إذ إن الجزائريين لم يكتفوا بطلب إصلاحات، بل كافحوا بالسلاح ضد المؤسسات الاستعمارية، لإحداث تغيرات اجتماعية هامة ممثلة من طرف فلاحين تقلدوا مسؤوليات معتبرة ونساء جزائريات مساهمات في المعركة التحريرية كالرجال وشخصية جزائرية معترف بها من طرف عدة دول حاضرة على الساحة الدولية، كل هذه العوامل والتغيرات التي تجذّرت غداة الحرب، هي التي تسمح بالتكلم على ثورة تحريرية حقيقية.
عرفت الجزائر مقاومة عسكرية طويلة الأمد ضد الاحتلال الفرنسي، منذ بدايته عام 1830، بقيادة كل من الأمير عبد القادر الجزائري في الغرب والباي الحاج أحمد في الشرق، تلتها بعد ذلك انتفاضات شعبية. وبعدها راحت فرنسا تكرس وجودها في الجزائر، وتعمل على تنظيم إدارتها، بحيث تستطيع القضاء على كل ما له علاقة بأصالة الشعب وثقافته ولغته وتقاليده، إلا أن إصرار الشعب الجزائري على التمسك بهذه المقومات أفشل خطة الاستيطان الفرنسي، وتجلى هذا التمسك من خلال المطالب الاجتماعية التي رفعها الأعيان والجمعيات والأحزاب السياسية إلى السلطات الفرنسية التي رفضت حكوماتها المتعاقبة الحوار معها، سواء كانت معتدلة أو متطرفة، بل راحت ترد على هذه المطالب بأساليب شتى من القمع والقتل والسجن والنفي والتضييق على الحريات، وتزوير الانتخابات. وأمام هذا الواقع وجدت الحركة الوطنية الجزائرية نفسها أمام خيار واحد لاسترجاع الحرية والاستقلال، وهو الكفاح المسلح.
لهذا بدأ الحزب الوطني (حزب الشعب الجزائري - حركة انتصار الحريات الديمقراطية) بتحضير الكفاح المسلح، وهذا على الرغم من الأوضاع الصعبة سواء تعلق الأمر بالضغوط والتشديد الفرنسي، أو تلك الأزمة التي عرفها حزب الشعب الجزائري نفسه، وتمّ تحديد تاريخ الأول من نوفمبر 1954 لانطلاق الكفاح المسلح تحت لواء جبهة التحرير الوطني الجزائرية.
الإحتلال الفرنسي للجزائر
نشرة اخبارية سينمائية من يونيڤرسال انتشار التمرد في شمال أفريقيا، 1955
مقالة مفصلة: الإحتلال الفرنسي للجزائر
بدأ الاحتلال الفرنسي للجزائر من 5 يوليو 1830 حتى 5 يوليو 1962. استعملت فرنسا حادثة المروحة (30 أبريل 1827) لكي تكون سببا لاحتلالها للجزائر الا أن فرنسا كانت تنوي احتلال الجزائر منذ عهد نابليون بونابرت، أتت فرنسا للجزائر منطلقة من ميناء طولون وبلغ عدد الجنود الذين ضمتهم الحملة (37.600 جندي). قاد الحملة لوي أوگست ڤيكتور ده گين ده بورمون. وصلت هذه الحملة إلى سيدي فرج في 14 يونيو 1830. بعد الإحتلال فرضة فرنسا على الجزائريين قانون الأهالي.
التحضير لإندلاع الثورة
ملصق دعاية لجيش التحرير الوطني في مدينة الجزائر، "الثورة الجزائرية، شعب في حرب ضد البربرية الاستعمارية". (29 يونيو 1962، Rocher Noir)
لقد تم وضع اللمسات الأخيرة للتحضير لاندلاع الثورة التحريرية في اجتماعي 10 و24 أكتوبر 1954 بالجزائر من طرف لجنة الستة . ناقش المجتمعون قضايا هامة هي :
إعطاء تسمية للتنظيم الذي كانوا بصدد الإعلان عنه ليحل محل اللجنة الثورية للوحدة والعمل وقد اتفقوا على إنشاء جبهة التحرير الوطني وجناحها العسكري المتمثل في جيش التحرير الوطني. وتهدف المهمة الأولى للجبهة في الاتصال بجميع التيارات السياسية المكونة للحركة الوطنية قصد حثها على الالتحاق بمسيرة الثورة، وتجنيد الجماهير للمعركة الحاسمة ضد المستعمر الفرنسي
تحديد تاريخ اندلاع الثورة التحريرية : كان اختيار ليلة الأحد إلى الاثنين أول نوفمبر 1954 كتاريخ انطلاق العمل المسلح يخضع لمعطيات تكتيكية - عسكرية، منها وجود عدد كبير من جنود وضباط جيش الاحتلال في عطلة نهاية الأسبوع يليها انشغالهم بالاحتفال بعيد مسيحي، وضرورة إدخال عامل المباغتة.
تحديد خريطة المناطق وتعيين قادتها بشكل نهائي، ووضع اللمسات الأخيرة لخريطة المخطط الهجومي في ليلة أول نوفمبر.
خريطة مناطق الثورة الجزائرية
«مجموعة الستة»، قادة جبهة التحرير الوطني، الوقوف من اليسار إلى اليمين: رابح بيطاط، مصطفى بن بولعيد، ديدوش مراد ومحمد بوضياف. الجلوس: كريم بلقاسم على اليسار، والعربي بن مهيدي على اليمين. الصورة مأخوذة قبيل بدأ اندلاع الثورة في 1 نوفمبر 1954.
وفد القادة الرئيسيين لجبهة التحرير الوطني. من اليسار: محمد خيضر، مصطفى الأشرف، حسين آيت أحمد، محمد بوضياف، أحمد بن بلا. الصورة مأخوذة بعد اعتقالهم في 22 أكتوبر 1956 بعد أن أجبر الجيش الفرنسي الطائرة المدنية المغربية بين الرباط وتونس على الهبوط. وكانوا في طريقهم إلى القاهرة.
المنطقة الأولى- الأوراس :مصطفى بن بولعيد
المنطقة الثانية- الشمال القسنطيني: ديدوش مراد
المنطقة الثالثة- القبائل: كريم بلقاسم
المنطقة الرابعة- الوسط: رابح بيطاط
المنطقة الخامسة- الغرب الوهراني: العربي بن مهيدي
تحديد كلمة السر لليلة أول نوفمبر 1954 : خالد وعقبة
إندلاع الثورة
متاريس في مدينة الجزائر. "يعيش ماسو" (Vive Massu) مكتوبة على اللافتة. (يناير 1960)
وقد بدأت هذه الثورة بقيام مجموعات صغيرة من الثوار المزودين بأسلحة قديمة وبنادق صيد وبعض الألغام بعمليات عسكرية استهدفت مراكز الجيش الفرنسي ومواقعه في أنحاء مختلفة من البلاد وفي وقت واحد. ومع انطلاق الرصاصة الأولى للثورة، تمّ توزيع بيان على الشعب الجزائري يحمل توقيع الأمانة الوطنية لجبهة التحرير الوطني. ودعا البيان جميع المواطنين الجزائريين من جميع الطبقات الاجتماعية وجميع الأحزاب والحركات الجزائرية إلى الانضمام إلى الكفاح التحريري ودون أدنى اعتبار آخر. وتمّ تشكيل الأمانة الوطنية لجبهة التحرير الوطني من تسعة أعضاء.
شملت هجومات المجاهدين عدة مناطق من الوطن، وقد استهدفت عدة مدن وقرى عبر المناطق الخمس : باتنة، أريس، خنشلة وبسكرة في المنطقة الأولى، قسنطينة وسمندو بالمنطقة الثانية ، العزازقة وتيغزيرت وبرج منايل وذراع الميزان بالمنطقة الثالثة. أما في المنطقة الرابعة فقد مست كلا من الجزائر وبوفاريك والبليدة ، بينما كانت سيدي علي و زهانة ووهران على موعد مع اندلاع الثورة في المنطقة الخامسة ( خريطة التقسيم السياسي والعسكري للثورة 1954 -1956).
جزائريون يتأهبون لخوض المعركة
وباعتراف السلطات الإستعمارية، فإن حصيلة العمليات المسلحة ضد المصالح الفرنسية عبر كل مناطق الجزائر ليلة أول نوفمبر 1954 ، قد بلغت ثلاثين عملية خلفت مقتل 10 أوروبيين وعملاء وجرح 23 منهم وخسائر مادية تقدر بالمئات من الملايين من الفرنكات الفرنسية. أما الثورة فقد فقدت في مرحلتها الأولى خيرة أبنائها الذين سقطوا في ميدان الشرف ، من أمثال بن عبد المالك رمضان وقرين بلقاسم وباجي مختار وديدوش مراد وغيرهم.
لم يكن سهلاً القضاء على ثورة أول نوفمبر، على الرغم من الأوضاع الصعبة التي انطلقت فيها الثورة: ندرة الأسلحة، وعمليات التمشيط، وصعوبات الاتصالات، ومحاولة كل منطقة أن تقود الجماهير الشعبية بحسب ظروفها وأن تساند المجاهدين بجميع الأسلحة ومناوشة العدو ومواجهة عملياته الوحشية، كما حاول المسؤولون في الخارج إظهار صورة الجزائر المقاومة وعملوا على تزويدها بالأسلحة.
المرحلة الأول: 1954-1955
شاب حركي في الزي العسكري، صيف 1961.
وتركز العمل فيها على تثبيت الوضع العسكري وتقويته، ومد الثورة بالمتطوعين والسلاح والعمل على توسيع إطار الثورة لتشمل كافة أنحاء البلاد.
من الجانب الفرنسي، فإن ممثليه من حكومة وإدارة وأحزاب والرأي العام، كانوا كلهم ضد أعمال أول نوفمبر، فقد أعلن رئيس الحكومة أمام مجلس النواب: «في الجزائر لايمكن أن يكون هناك انفصال، هنا فرنسا»، أما وزير الداخلية الفرنسي فقد صرح: «لاأقبل التفاوض مع أعداء الوطن، التفاوض الوحيد هو الحرب»، وكان التطبيق العملي لهذه الكلمة تجنيد قوات الأمن والجيش للقضاء على هذا التمرد، فبينما تقوم الشرطة بملاحقة كل المسؤولين والمنتخبين والمناضلين في الحزب الوطني، فإن الجيش الفرنسي يلاحق مجاهدي جيش التحرير الوطني المتحصنين في جبال الأوراس وبلاد القبائل. وفي سنة 1954 كان هناك أقل من 1000 جندي لجيش التحرير الوطني، يواجهون 50ألف رجل لأكبر قوة عسكرية أوربية.
وفي سنة 1955، أصبحت حرب التحرير واقعاً حيث انضم إلى جيش التحرير وطنيون مشحونون بحماس المقاومة، وشباب مطارد من الشرطة يبحثون عن ملجأ في الجبال، وكذلك المجندون الجزائريون الفارون من الجيش الفرنسي والذين التحقوا بالمجاهدين. وهكذا تحولت الحرب إلى قوة ثورية، كما أسهمت هجمات المجاهدين وسكان الأرياف للشمال القسنطيني في آب 1955 في تقوية سلطة الثورة.
في صيف 1955، فكر زيغود يوسف قائد الناحية الثانية للشمال القسنطيني في هجوم شامل للمجاهدين ضد القوات الفرنسية رداً على محاصرة الأوراس وإبعاد الملك محمد الخامس عن العرش، وتم تحضير ذلك عن طريق حملات توعية وجمع الأسلحة والمتفجرات والمؤونة والأدوية وتنظيم محكم لمجاهدي مختلف قطاعات الناحية الثانية. بدأت الهجمات يوم 20آب في وضح النهار، خلافاً لعمليات أول تشرين الثاني 1954. وجرت اشتباكات دامية في سكيكدة وضواحيها بين الفلاحين المسلحين بالهراوات والقضبان الحديدية والمعاول والسكاكين، مقابل الجنود الفرنسيين المسلحين بأحدث الأسلحة، وتعرضت المواقع العسكرية في قسنطينة للهجوم، وكذا تصفية أعوان الفرنسيين، لقد هوجم مايقرب من ثمانين مركزاً، وقد أدى ذلك إلى تخريب وتقتيل رهيب، حيث تتحدث بعض المصادر عن 12ألف ضحية من الجزائريين، فقد كانت القوات الفرنسية تطلق النار على كل الجزائريين الذين تصادفهم.
كان هذا القمع مصدراً للكراهية التي لم تترك أي مجال لحل سلمي، فقد استقال المنتخبون كما عزم قادة الاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري UDMA والمركزيين الالتحاق بجبهة التحرير الوطني، وأكدت الدول العربية تضامنها مع الكفاح الجزائري، وكشفت سياسة فرنسة لمنظمة الأمم المتحدة، وهكذا عمت الحرب كل أرجاء الجزائر.
المرحلة الثانية 1956- 1958
ميدالية عمليات شمال أفريقيا الفرنسية، 11 يناير 1958.
شهدت هذه المرحلة ارتفاع حدة الهجوم الفرنسي المضاد للثورة من أجل القضاء عليها. إلا أن الثورة ازدادت اشتعالاً وعنفاً بسبب تجاوب الشعب معها، وأقام جيش التحرير مراكز جديدة ونشطت حركة الفدائيين في المدن. كما تمكّن جيش التحرير من إقامة بعض السلطات المدنية في بعض مناطق الجنوب الجزائري وأخذت تمارس صلاحياتها على جميع الأصعدة.[2]
المرحلة الثالثة 1959- 1960
كانت هذه المرحلة من أصعب المراحل التي مرّت فيها الثورة الجزائرية، إذ قام المستعمر الفرنسي بعمليات عسكرية ضخمة ضد جيش التحرير الوطني. وفي هذه الفترة، بلغ القمع البوليس حده الأقصى في المدن والأرياف.. وفرضت على الأهالي معسكرات الاعتقال الجماعي في مختلف المناطق. أما رد جيش التحرير، فقد كان خوض معارض عنيفة ضد الجيش الفرنسي واعتمد خطة توزيع القوات على جميع المناطق من أجل إضعاف قوات العدو المهاجمة، وتخفيف الضغط على بعض الجبهات، بالإضافة إلى فتح معارك مع العدو من أجل إنهاكه واستنـزاف قواته وتحطيمه.
حشود في الجزائر العاصمة في أغسطس 1962، تحيي زعيم جبهة التحرير الوطنية، أحمد بن بلة، أول رئيس وزراء بعد الإستقلال (1962-63) وأول رئيس منتخب (1963-1965).
تدعمت صفوف جبهة التحرير الوطني بانضمام الطلبة والعمال، فقامت النقابة (الاتحاد العام للعمال الجزائريين) التي أُنشئت في شباط 1956 بعدة إضرابات وطنية مساندة لجبهة التحرير، كما نظم الطلبة في كانون الثاني 1956 نصف شهر تضامني ضد القهر والاضطهاد. وفي مؤتمر الاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين تمت المطالبة بالاستقلال، وفي 18 أيار دعا الاتحاد إلى إضراب عام غير محدود، وذلك بمقاطعة الدروس والامتحانات ودعوة الطلبة للالتحاق بصفوف جبهة التحرير الوطني. ومن جهة أخرى ازدادت حدة المواجهات العسكرية سنة 1956، مثل عمليات الأخضرية بقيادة علي خوجة (شباط، آذار)، وهو ماحدث في منطقة قسنطينة مع بداية الهجمات في منطقة وهران.
ابتداءً من آذار 1956 كان من الضروري إيجاد تنسيق شامل بين مختلف قيادات المناطق، وذلك من أجل وضع منهج استراتيجي موحد وقيادة سياسية وعسكرية وطنية، حيث تجسد هذا المنهج بإنشاء المنطقة الثانية ومنطقة الجزائر بقيادة زيغود يوسف وعبان رمضان. تم اجتماع قيادة الست مناطق باستثناء قائد المنطقة الأولى الذي استشهد في إحدى المعارك، وكذا غياب الممثلين المقيمين في الخارج، وعُرف هذا الاجتماع باسم مؤتمر الصومام (آب 1956) وفيه اتُخذت عدة قرارات مهمة، منها إنشاء لجنة التنسيق والتنفيذ، وكذا تقسيم المناطق التي أصبحت ولايات، وتنظيم عسكري دقيق، كما تم اعتماد مبادئ مهمة، أولوية السياسي على العسكري والقيادة الداخلية على القيادة الخارجية، ومن جهة أخرى تم تحديد الأهداف الآنية وهي: مواصلة العمل المسلح بكل شراسة والتزود بالأسلحة والتجنيد العام، هذه القرارات المهمة اعترف بها أغلبية المسؤولين، ومن ثم عُممت على الجميع. إن توحيد قيادة الثورة زاد من حدة المعارك والمواجهات، وإضراب الثمانية أيام (28كانون الثاني إلى 4شباط1957) الذي مس الجزائر العاصمة وكبرى الولايات الجزائرية حتى الفرنسية منها، أظهر مدى إرادة المقاومة لدى العمال الجزائريين، وفي المدة نفسها شهدت الجزائر عدة عمليات بالقنابل، مما أشاع الرعب في أوساط المستوطنين الأوربيين بالجزائر.
ولقد استعمل الجيش الفرنسي أعنف الوسائل كالاعتقال وتحطيم المحلات التجارية والتعذيب والاغتيالات من أجل كسر وتعطيل الإضراب والوقوف في وجه الفدائيين، هذا ما سُمي بمعركة الجزائر. كان القمع الفرنسي وحشياً، مما أساء بصفة كبيرة مباشرة إلى الشرطة والجيش الفرنسيين لدى أوساط الرأي العام العالمي، إذ قتل الكثير من الجزائريين، وكذا سجل الآلاف من المفقودين والمعتقلين في السجون ومراكز الاعتقال، والتحق الكثير من الجزائريين بالجبال.
أبرز سكان الحضر دعمهم للثورة على غرار سكان البادية في آب 1955، فقد فتحت فيدرالية جبهة التحرير بفرنسا جبهة ثانية، وحدد الهجوم بتاريخ 25آب 1957، مهاجمة مراكز الشرطة، حرق مستودعات النفط، تخريب معامل التكرير، وكانت حصيلة هذه المعركة التي دامت بضعة أسابيع تنفيذ 242هجوماً ضد 181هدفاً و56عملية تخريب نقلت الحرب إلى الأراضي الفرنسية.
وفي داخل البلاد تضاعف نشاط القتال في الجبال ومواقع أخرى، وعلى وجه الخصوص بالجنوب حيث فتحت في نهاية سنة 1957 جبهة صحراوية، وقد تعددت الصعوبات بالداخل: مناطق لاتعترف بسلطة اللجنة المركزية للتنسيق والتنفيذ، مواجهات بين المسؤولين، اعتراض بعض المجموعات من المناضلين والتحريض ضد المقاومة الذي كانت تشجعه فرنسا.
عملت اللجنة المركزية للتنسيق والتنفيذ على تحسين تنظيمها، وإنشاء قطاعات وزارية وتوزيع المهام على أعضائها، فاجتمع المجلس الوطني للثورة الجزائرية في شهر آب 1957 ورفع عدد أعضائه إلى 54، وعدد اللجنة المركزية للتنفيذ إلى 9، وقام بتعديل بعض قرارات مؤتمر الصومام فلم يعد هناك أولوية السياسي على العسكري ولافرق بين مسؤولي الداخل والخارج، وفي نيسان 1958، وحدت لجنة التنسيق والتنفيذ القيادة العسكرية وجعلت على رأس الثورة حكومة مؤقتة للجمهورية الجزائرية برئاسة فرحات عباس (18أيلول 1958).
اعترف بالحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية الكثيرُ من الحكومات من بينها حكومات البلدان العربية، وسمح لها هذا الاعترف بشراء الأسلحة بسهولة أكبر وإنشاء قيادتين للأركان، يترأس أحدهما بومدين، والتغلب على المحاولات الداخلية التي هدفت لضرب استقرارها والتأكيد في أول تصريح لها أنها «مستعدة للتفاوض مع الحكومة الفرنسية».
في الداخل لم تتمكن الإجراءات التعسفية الفرنسية لتجميع وإدارة السكان عن طريق مايقرب من سبعمئة مكتب إداري خاص، وإنشاء مناطق محرمة والتظاهرات الفرنسية بتاريخ 13أيار 1958 والتصريحات الأولى ومحاولات المحادثات المحلية التي قام بها الجنرال دوغول من تخفيف وتيرة الحرب، فمقاومة المجاهدين على الرغم من الأوضاع الصعبة ماتزال ملتهبة، ومع أن الحواجز على طول الحدود التونسية والمغربية قللت من وصول الأسلحة، إلا أن المعارك التي وقعت (كانون الثاني - أيار 1958) أظهرت قدرات الجيش الجزائري الذي قام بعدة هجمات ونجح في عمليات عبور عدة للحدود، وإيصال الأسلحة إلى مناطق المقاومة بالداخل، مع الخسائر الكبيرة في صفوفه.
في عام 1959، كلف دوغول الجنرال شال بأن يقلص مقاومة مجاهدي الداخل، فكان مخطط شال بمختلف عملياته، ومنها تلك التي تمت ضد منطقتي القبائل والأوراس من أكثر المخططات وحشية، إذ جعل مقاومة المجاهدين وبقاءهم على قيد الحياة غير ممكن تقريباً، فقد تم نقل أكثر من مليون جزائري إلى المعسكرات وتم طرد آلاف اللاجئين من مساكنهم ووضعهم في مناطق مسالمة دون حساب آلاف الموتى. ومع كل هذا تواصلت العمليات العسكرية لجيش التحرير الوطني، ولم تطالب الحكومة المؤقتة بوقف إطلاق النار. تعززت الثورة بفضل جيش الحدود وتحسن تنظيم وزارة الحرب والاتصالات العامة، وكذلك بفضل النشاط الدبلوماسي للحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية.
سمحت مجموعات اللاجئين المتواجدة خارج الوطن بتشكيل قواعد سريعة الحركة وباقتناء السلاح والذخيرة. في كانون الثاني 1960، تشكلت قيادة الأركان برئاسة هواري بومدين، وكانت تهدف إلى مواجهة الخطوط المكهربة للسدود، والهجوم على المراكز الفرنسية، وفتح ثغرات تسمح لوحدات صغيرة بالمرور عبرها، وتجميد العدو، مما تطلب إعادة تنظيم جيش الحدود على شكل فيالق وكتائب قتالية خفيفة مسلحة ببطاريات، وقد سمح تجنيد عدد كبير من اللاجئين بإنشاء عدة مراكز للتدريب، وفتح جبهات جديدة في أقصى الجنوب الشرقي مع ليبيا ومالي، وبذلك أصبح جيش الحدود جيشاً تقليدياً وعصرياً، مما اضطر القوات الفرنسية إلى التمركز على الحدود وبالتالي خُفف على ولايات الداخل.
تم إنشاء وزارة الحرب والاتصالات العامة من طرف «بوصوف» وكان مجال عملها متنوعاً، شمل التسليح والاستخبارات والربط والاتصال والأمن والبث الإذاعي وغيرها، هذه المجالات جعلت من مسؤولها شخصية قوية. وقامت الوزارة بشراء أسلحة من العراق وسورية والأردن ومصر وأيضاً من تشيكوسلوفاكيا (سابقاً) ويوغسلافيا (سابقاً)، وأنشأ قائدها ورشات لصناعة الأسلحة وتصليحها بالمغرب، واهتم كذلك بتكوين أطر في مختلف المجالات، وأصبحت الاستخبارات إحدى الأنشطة الأساسية لهذه الوزارة، وتتمثل في معرفة نوايا الحكومة الفرنسية وجيشها، ومتابعة الوضعية النفسية للمواطنين عن طريق الدعاية والإعلام، وتحضير الملفات لمفاوضات مقبلة.
أدت الصعوبات العسكرية إلى البحث عن مساعدات من قبل الدول الصديقة والشقيقة، ومع بعض التردد لدى الحكومتين التونسية والمغربية الحريصتين على استقلالهما وإمكانية الحصول على تنازلات أكثر من فرنسا فإن تونس والمغرب استقبلتا عدداً كبيراً من اللاجئين الجزائريين، ووقعتا عدة اتفاقات مع الحكومة المؤقتة عززت تضامن شعوب هذين البلدين مع الجزائر. لقد كانت مصر الدولة الأولى التي استقبلت لاجئين سياسيين وطنيين وبعد ذلك قادت جبهة التحرير الوطني. أنشئت الحكومة المؤقتة جواً من الثقة مع مختلف الدول العربية التي ساعدتها مادياً ومعنوياً على مستوى منظمة الأمم المتحدة، وانتقلت بعثات جزائرية إلى دول إفريقيا لربط تحالف مع الدول التي تناضل ضد الاستعمار الجديد.
كما توجهت وفود الجبهة إلى إندونيسيا وماليزيا وسري لانكا ووفود أخرى إلى الصين وإلى الاتحاد السوڤييتي (سابقاً) وكل هذه الوفود وجدت ترحاباً كبيراً من طرف حكومات هذه البلدان وشعوبها، كما أبرمت اتفاقيات مع تشيكوسلوفاكيا وبلغاريا ويوغسلافيا وعززت البعثات الإعلامية الحملات الدعائية الموجهة للرأي العام في أمريكة الجنوبية والولايات المتحدة والبلدان الأوربية. وكان للمظاهرات الشعبية في المدن الجزائرية في شهر كانون الأول1960 دور مهم في ترسيخ وتقوية جيش الحدود وتعزيز النشاطات المختلفة التي كانت تقوم بها وزارة التسليح، أضف إلى الجهود الدبلوماسية للحكومة المؤقتة، وهكذا قام الجزائريون في 10-11كانون الأول1960بمظاهرات كبيرة في مدينة الجزائر للرد على استفزازات المستوطنين الأوربيين (الأقدام السوداء) رافعين أعلاماً جزائرية ومرددين شعارات وطنية، وقامت مدن أخرى عبر التراب الجزائري بمثل هذه المظاهرات وكان لها صدى كبير في الجزائر وفي فرنسا وفي الأمم المتحدة التي التفتت إلى هذه الصيحات، ولأول مرة عبرت الأمم المتحدة عن مساندتها للقضية الجزائرية، كما جاءت مساندات أخرى من طرف عدد كبير من البلدان، وبهذا وعلى الرغم من القمع والصعوبات الأخرى، فإن الجماهير الشعبية جددت تأييدها للثورة الجزائرية.
إن المقاومة المستمرة للشعب الجزائري وصمود المجاهدين وإخفاق الحملات العسكرية الاستعمارية، وإخفاق جميع الإجراءات السياسية الفرنسية وتعاطف عدد كبير من البلدان مع الجزائر، كانت كلها العوامل الأساسية التي مهدت الطريق لإجراء مفاوضات بين الجزائر وفرنسا، ولقد كانت هذه المفاوضات شاقة وبطيئة.
ومع مجيء دوغول أصبحت هذه المفاوضات جدية بعد أن أخفق الأخير في تطبيق سياسته المسماة «سلم الشجعان» التي حاول بوساطتها الاتصال بالمسؤولين المحليين لجبهة التحرير الوطني، وكذلك بعد إخفاق «خطة شال» العسكرية أو مايسمى بخطة قسنطينة أو بالإفراج عن المساجين. وقد وافق دوغول على مبدأ تقرير المصير وتمت المصادقة عليه من طرف الشعب الفرنسي بوساطة الاستفتاء وعبر الرئيس بن خدة من جهته عن موافقته على إجراء المفاوضات في إطار الاستقلال. وانتهت المفاوضات بإبرام اتفاقية أفيان في 18آذار 1962 والتوقيع عليها من طرف كريم بلقاسم رئيس الوفد المفاوض، وفي اليوم التالي أعلن الرئيس بن خدة وقف القتال. وهكذا تمكن الجزائريون من نيل حقهم في تقرير مصيرهم السياسي وتأسيس دولة مستقلة، لقد نصت الاتفاقيات على الإجراءات التطبيقية لوقف القتال وعلى الضمانات لتقرير المصير وعلى خصوصيات الاستقلال يعني السيادة الكاملة في الداخل والخارج وفي جميع الميادين وخاصة الدفاع الوطني والشؤون الخارجية.
وقد عرفت الجزائر صعوبات في المرحلة الانتقالية مابين وقف القتال وتأسيس الحكومة الأولى للجزائر المستقلة (صراعات في اجتماعات المجلس الوطني، الثورة الجزائرية في طرابلس، وعمليات عنيفة مسلحة داخل الجزائر وعمليات اغتيال عدة قامت بها منظمة الجيش السري الفرنسية التي طبقت سياسة الأرض المحروقة وطلبت من جميع الأوربيين مغادرة الجزائر إلى فرنسا). وفي 2تموز 1962 أُجري الاستفتاء العام وكانت نتيجته الموافقة على استقلال الجزائر بأغلبية ساحقة.
وهكذا تحققت الأهداف التي كانت ترمي إليها ثورة الأول من تشرين الثاني، يعني تتويج كفاح الشعب وتحقيق آماله بجزائر مستقلة ذات سيادة كاملة على جميع التراب الجزائري، وكان هذا النصر بفضل صمود جيش التحرير الوطني وتضحيات الشعب الجزائري.
نص أول بيان للثورة الجزائرية
بسم الله الرحمن الرحيم
نداء إلى الشعب الجزائري هذا هو نص أول نداء وجهته الكتابة العامة لجبهة التحرير الوطني إلى الشعب الجزائري في أول نوفمبر 1954 أيها الشعب الجزائري، أيها المناضلون من أجل القضية الوطنية، أنتم الذين ستصدرون حكمكم بشأننا ـ نعني الشعب بصفة عامة، و المناضلون بصفة خاصة ـ نُعلمُكم أن غرضنا من نشر هذا الإعلان هو أن نوضح لكُم الأسْباَبَ العَميقة التي دفعتنا إلى العمل ، بأن نوضح لكم مشروعنا و الهدف من عملنا، و مقومات وجهة نظرنا الأساسية التي دفعتنا إلى الاستقلال الوطني في إطار الشمال الإفريقي، ورغبتنا أيضا هو أن نجنبكم الالتباس الذي يمكن أن توقعكم فيه الإمبريالية وعملاؤها الإداريون و بعض محترفي السياسة الانتهازية.
فنحن نعتبر قبل كل شيء أن الحركة الوطنية ـ بعد مراحل من الكفاح ـ قد أدركت مرحلة التحقيق النهائية. فإذا كان هدف أي حركة ثورية ـ في الواقع ـ هو خلق جميع الظروف الثورية للقيام بعملية تحريرية، فإننا نعتبر الشعب الجزائري في أوضاعه الداخلية متحدا حول قضية الاستقلال والعمل ، أما في الأوضاع الخارجية فإن الانفراج الدولي مناسب لتسوية بعض المشاكل الثانوية التي من بينها قضيتنا التي تجد سندها الديبلوماسي و خاصة من طرف إخواننا العرب و المسلمين.
إن أحداث المغرب و تونس لها دلالتها في هذا الصدد، فهي تمثل بعمق مراحل الكفاح التحرري في شمال أفريقيا. ومما يلاحظ في هذا الميدان أننا منذ مدة طويلة أول الداعين إلى الوحدة في العمل. هذه الوحدة التي لم يتح لها مع الأسف التحقيق أبدا بين الأقطار الثلاثة.
إن كل واحد منها اندفع اليوم في هذا السبيل، أما نحن الذين بقينا في مؤخرة الرك أمام هذه الوضعية التي يخشى أن يصبح علاجها مستحيلا، رأت مجموعة من الشباب المسؤولين المناضلين الواعين التي جمعت حولها أغلب العناصر التي لا تزال سليمة و مصممة، أن الوقت قد حان لإخراج الحركة الوطنية من المأزق الذي أوقعها فيه صراع الأشخاص و التأثيرات لدفعها إلى المعركة الحقيقية الثورية إلى جانب إخواننا المغاربة و التونسيين.
وبهذا الصدد، فإننا نوضح بأننا مستقلون عن الطرفين اللذين يتنازعان السلطة، إن حركتنا قد وضعت المصلحة الوطنية فوق كل الاعتبارات التافهة و المغلوطة لقضية الأشخاص و السمعة، ولذلك فهي موجهة فقط ضد الاستعمار الذي هو العدو الوحيد الأعمى، الذي رفض أمام وسائل الكفاح السلمية أن يمنح أدنى حرية.
ونظن أن هذه أسباب كافية لجعل حركتنا التجديدية تظهر تحت اسم : جبهة التحرير الوطني. وهكذا نستخلص من جميع التنازلات المحتملة، ونتيح الفرصة لجميع المواطنين الجزائريين من جميع الطبقات الاجتماعية، وجميع الأحزاب والحركات الجزائرية أن تنضم إلى الكفاح التحرري دون أدنى اعتبار آخر. ولكي نبين بوضوح هدفنا فإننا نسطر فيما يلي الخطوط العريضة لبرنامجنا السياسي.
الهدف:الاستقلال الوطني بواسطة:
إقامة الدولة الجزائرية الديمقراطية الاجتماعية ذات السيادة ضمن إطار المبادئ الإسلامية.
احترام جميع الحريات الأساسية دون تمييز عرقي أو ديني.
الأهداف الداخلية:
التطهير السياسي بإعادة الحركة الوطنية إلى نهجها الحقيقي و القضاء على جميع مخلفات الفساد و روح الإصلاح التي كانت عاملا هاما في تخلفنا الحالي.
تجميع و تنظيم جميع الطاقات السليمة لدى الشعب الجزائري لتصفية النظام الاستعماري.
الأهداف الخارجية:
تدويل القضية الجزائرية
تحقيق وحدة شمال إفريقيا في داخل إطارها الطبيعي العربي و الإسلامي.
في إطار ميثاق الأمم المتحدة نؤكد عطفنا الفعال تجاه جميع الأمم التي تساند قضيتنا التحريرية.
وسائل الكفاح
انسجاما مع المبادئ الثورية، واعتبارا للأوضاع الداخلية و الخارجية، فإننا سنواصل الكفاح بجميع الوسائل حتى تحقيق هدفنا . إن جبهة التحرير الوطني ، لكي تحقق هدفها يجب عليها أن تنجز مهمتين أساسيتين في وقت واحد وهما: العمل الداخلي سواء في الميدان السياسي أو في ميدان العمل المحض، و العمل في الخارج لجعل القضية الجزائرية حقيقة واقعة في العالم كله، و ذلك بمساندة كل حلفائنا الطبيعيين . إن هذه مهمة شاقة ثقيلة العبء، و تتطلب كل القوى وتعبئة كل الموارد الوطنية، وحقيقة إن الكفاح سيكون طويلا ولكن النصر محقق.
وفي الأخير، وتحاشيا للتأويلات الخاطئة و للتدليل على رغبتنا الحقيقة في السلم ، و تحديدا للخسائر البشرية و إراقة الدماء، فقد أعددنا للسلطات الفرنسية وثيقة مشرفة للمناقشة، إذا كانت هذه السلطات تحدوها النية الطيبة، و تعترف نهائيا للشعوب التي تستعمرها بحقها في تقرير مصيرها بنفسها.
الاعتراف بالجنسية الجزائرية بطريقة علنية ورسمية، ملغية بذلك كل الأقاويل والقرارات والقوانين التي تجعل من الجزائر أرضا فرنسية رغم التاريخ و الجغرافيا و اللغة و الدين والعادات للشعب الجزائري.
فتح مفاوضات مع الممثلين المفوضين من طرف الشعب الجزائري على أسس الاعتراف بالسيادة الجزائرية وحدة لا تتجزأ.
خلق جو من الثقة وذلك بإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين ورفع الإجراءات الخاصة و إيقاف كل مطاردة ضد القوات المكافحة.
وفي المقابل:
فإن المصالح الفرنسية، ثقافية كانت أو اقتصادية والمحصل عليها بنزاهة، ستحترم وكذلك الأمر بالنسبة للأشخاص والعائلات.
جميع الفرنسيين الذين يرغبون في البقاء بالجزائر يكون لهم الاختيار بين جنسيتهم الأصلية ويعتبرون بذلك كأجانب تجاه القوانين السارية أو يختارون الجنسية الجزائرية وفي هذه الحالة يعتبرون كجزائريين بما لهم من حقوق و ما عليهم من واجبات.
تحدد الروابط بين فرنسا و الجزائر و تكون موضوع اتفاق بين القوتين الاثنتين على أساس المساواة و الاحترام المتبادل.
أيها الجزائري، إننا ندعوك لتبارك هذه الوثيقة، وواجبك هو أن تنضم لإنقاذ بلدنا و العمل على أن نسترجع له حريته، إن جبهة التحرير الوطني هي جبهتك، وانتصارها هو انتصارك.
أما نحن، العازمون على مواصلة الكفاح، الواثقون من مشاعرك المناهضة للإمبريالية، فإننا نقدم للوطن أنفس ما نملك." فاتح نوفمبر 1954
الأمانة الوطنية
رموز الثورة الجزائرية
شخصيات من الثورة الجزائرية
عبد العزيز بوتفليقة
محمد بوضياف
اليمين زروال
علي كافي
عبد الحميد مهري
هواري بومدين
أحمد بن بلة
عبد الحفيظ بوصوف
محمد خضر
الشاذلي بن جديد
عباس فرحات
قاصدي مرباح
جميلة بوحيرد
مصالي الحاج
الشريف محمود
الأخضر بن طبال
رابح بيطاط
مصطفى بن بولعيد
ديدوش مراد
قرين بلقاسم
العربي بن مهيدي
محمد الأمين دباغين
حسين آيت أحمد
محند أولحاج
عمر إدريس
عيسات إيدير
مصطفى إسطمبولي
العربي التبسي
الطيب الجغلالي
الحاج لخضر أعبيدي
أعمر أوعمران
الطيب العقبي
العقيد عثمان
العقيد لطفي
العمودي الأمين
أحمد توفيق المدني
باجي مختار
بلحاج الجيلالي عبد القادر
محمد بلوزداد
محمد بلونيس
محمد الصالح بن جلول
شريف بن السعيدي
حسيبة بن بوعلي
عبان رمضان
بن يوسف بن خدة
بن زرجب بن عودة
بن عبد المالك رمضان
يزيد أمحمد
محمد الصديق بن يحي
أحمد بومنجل
محمود بوحميدي
عمر بوداود
محمد بوراس
أحمد بوقرة
الطيب بولحروف
محمد بونعامة الجيلالي
عمار آوزقان
يوسف الخطيب
سعد دحلب
سليمان دهيليس
عميروش آيت حمودة
أحمد زبانة
محمد زعموم
يوسف زيغود
بوجمعة سويداني
سي الحواس
شريط لزهر
شيحاني بشير
محمد شعباني
طالب عبد الرحمان
علي عمار
فارس عبد الرحمن
أحمد فرنسيس
قايد أحمد
عمر أوصديق
محمد لعموري
لغرور عباس
مالك رضا
أحمد محساس
محمدي السعيد
أحمد مزغنة
محمد الشريف مساعدية
عيسى مسعودي
مفدي زكريا
علي ملاح
عبد الرحمن ميرة
ياسف سعدي
الطاهر الزبيري
عمر ياسف
محمد البشير الإبراهيمي
مقالة مفصلة: دور مصر في الثورة الجزائرية
كتاب "عبد الناصر وثورة الجزائر"، تأليف فتحي الديب. انقر للمطالعة.
قامت مصر خلال الخمسينات والستينات بتبني قضية الجزائر وتدعيمها؛ حيث أكد كريستيان بينو (وزير خارجية فرنسا وقتئذ) أن التمرد في الجزائر لا تحركه سوى المساعدات المصرية، فإذا توقفت هذه المساعدات فإن الأمور كلها سوف تهدأ؛ لوجود مليون مستوطن فرنسي في الجزائر، ولأن فرنسا اعتبرت الجزائر جزءًا لا يتجزأ من فرنسا. مما ترتب عليه اشتراك فرنسا في العدوان الثلاثي على مصر. ولهذا أصدرت جبهة التحرير الوطني الجزائرية بيانًا قالت فيه:
لا ينسى أي جزائري أن مصر الشقيقة تعرّضت لعدوان شنيع كانت فيه ضحية تأييدها للشعب الجزائري المناضل. ولا ينسى أي جزائري أن انتصار الشعب المصري في معركة بورسعيد التاريخية ليس إلا انتصار لواجهة من واجهات القتال العديدة التي تجري في الجزائر منذ ثمانية وثلاثين شهرًا، وأن الشعب الجزائري المنهمك في معركته التحريرية الكبرى ليبعث إلى الشعب المصري الشقيق وبطله الخالد جمال عبد الناصر بأصدق عواطف الأخوة والتضامن، وعاشت العروبة حرة خالدة، وعاش العرب تحت راية الاستقلال والعزة والمجد[5].
وقال العقيد سي الحواس قائد الولاية السادسة أثناء حرب التحرير الجزائرية:
لو عندنا طائرات لطرنا.. لو عندنا عصافير لطرنا.. لو عندنا بواخر لذهبنا.. إذا انتصرت مصر انتصرت الثورة الجزائرية.. وإذا انهزمت مصر انهزمت الثورة الجزائرية.
دعم عسكري
دعمت مصر ثورة الجزائر بالسلاح والخبراء، فكانت مصر الداعم الأول والأهم لها. الأمر الذي دفع بن جوريون (أول رئيس وزراء لإسرائيل) إلى قول:
على أصدقائنا المخلصين في باريس أن يقدّروا أن «عبد الناصر» الذي يهددنا في النقب، وفي عمق إسرائيل، هو نفسه العدو الذي يواجههم في الجزائر.
ويؤكد محمد حسنين هيكل أنه تلقت الثورة الجزائرية أكبر شحنة من السلاح المصري أثناء اندلاع القتال على الجبهة المصرية - إبّان العدوان الثلاثي عليها - ضدّ فرنسا وإنجلترا وإسرائيل.
كانت أول شحنة سلاح وصلت الجزائر مقدمة من مصر وقدرت بحوالي 8000 جنيه.
أهم التدريبات العسكرية الفعالة لجيش التحرير الوطني خارج الجزائر كانت تتم بمصر.
الدعم السياسي
كانت القاهرة مقر الحكومة الجزائرية المؤقتة التي تأسست في 19 سبتمبر 1958، فكانت أهم مجالات التنسيق الدبلوماسي الجزائري تتم عن طريق مصر، وانطلقت من القاهرة معظم النشاطات السياسية والدبلوماسية لجبهة التحرير الوطني والحكومة الجزائرية المؤقتة.
كانت القاهرة مقرًا للجنة تحرير المغرب العربي المكونة من ليبيا، وتونس، والمغرب، والجزائر
قامت مصر بتمثيل الجزائر في مؤتمر باندونج الذي عقد في مايو 1955. كما كان لها دورًا فعال في تمكين الجزائريين من لعب دورًا مؤثرًا في منظمة تضامن الشعوب الأفرو - آسيوية منذ نشأتها بالقاهرة في ديسمبر 1957.
يقول الكاتب الجزائري إسماعيل دبش في كتابه «السياسة العربية والمواقف الدولية تجاه الثورة الجزائرية»:
تأييد مصر للقضية الجزائرية ولكل مطالب جبهة التحرير الوطني كان مطلقًا، ومتشددًا، وبدون تحفظ، حتى لو تعلق الأمر بعلاقة مع دولة كبرى لها مصالح حيوية وإستراتيجية معها مثل الاتحاد السوفيتي. ذلك ما عبر عنه الرئيس عبد الناصر في تحذيره إلى خروتشوف الرئيس السوفياتي من الانسياق وراء محاولات دي غول بزيارة حاسي مسعود (منطقة آبار بترولية جزائرية كبرى بالصحراء).
الدعم المالي
كانت أول صفقة سلاح من أوروبا الشرقية بتمويل مصري بلغ حوالي مليون دولار، كما قدمت مصر 75% من الأموال التي كانت تقدمها جامعة الدول العربية للثورة الجزائرية والمقدرة بـ 12 مليون جنيه سنويًا.
خصصت مصر - بقرار من جمال عبد الناصر - الدخول الأولى من تأميم قناة السويس (بلغت 3 مليارات فرنك فرنسي قديم) للكفاح الجزائري.
الدعم الفني
وبجانب تقديم الدعم العسكري والسياسي، كان هناك دعم ثقافي وفني؛ فالنشيد الوطني الجزائري من تلحين الموسيقار المصري محمد فوزي، كما قام عبد الحليم حافظ بأداء أغنية بعنوان «الجزائر» تتحدث عن الثورة الجزائرية، وقام المخرج المصري يوسف شاهين بإخراج فيلم جميلة الذي يتحدث عن جميلة بوحيرد وعن الثورة الجزائرية.
منقول
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
(( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ))